Translate

قصة غرام الملكة فيكتوريا وخادمها براون

في ستينات القرن التاسع عشر، تعرض مستقبل الملكية في بريطانيا إلى خطر كبير، بعد اكتشاف فضيحة الملكة الأرملة فيكتوريا ورجل بلاطها المفضل جون براون.

بعد موت براون عام 1883 كتبت الملكة إلى أخيه هيوغ "قلت له دائما أن لا أحد يحبه كما أفعل أنا وأجابني " وأنا.. لا من يحبك حبي" لكن بقي موضوع الشكوك والجدال إن كان الحب أفلاطونيا. ولعبت الصحافة دورا محرضا، وأعلنت صحيفة "جازيت دو لوزان" السويسرية أنهما تزوجا سرا وأن الملكة حامل بطفل براون.

ويروي هاري وبستر في كتابه "فضائح العائلات المالكة" أن النبلاء والشعب بدأوا يشيرون إلى الملكة باسم "السيدة براون"، ومن بقي يشك انتهت شكوكه بعد موت الملكة عام 1901 عندما أمر ابنها الأكبر الملك إدوارد السابع، بإحراق كل الصور التي تجمع الملكة وبراون وتدمير كل تماثيله في القصر وتحويل مكان إقامته إلى غرفة للعبة البلياردو.

رافق براون الملكة وزوجها عندما قاما بالترحال متنكرين للصيد، وعمل كخادم فيكتوريا الخاص، وقد كتبت عنه إلى عمها ملك بلجيكا " يعتني بي جيدا مازجا بين عمله في الخدمة والحراسة ويعرف الكثير عن الأقنعة والشالات".

توفيت والدة فيكتوريا، ولحقها زوجها في العام نفسه بسبب حمى التيفود، فوجدت نفسها وحيدة وهي لازالت في الثانية والأربعين من عمرها تحمل مسئولية تسعة أطفال ومملكة هي الأقوى في العالم، مما أدى إلى عدم توازنها خصوصا بعد تعليق صور زوجها فوق كل سرير نامت عليه، وبعد أن استمرت الخادمات تأتي بلباس نومه من أجل شبحه كل مساء، وبكوب الماء الساخن كل صباح، فدخلت في حزن وحداد دام سنوات عديدة رافضة الاهتمام بشئون المملكة.

في أحد أيام 1864 وصل جون براون إلى بيت الملكة في أوسبورن، وحينها فقط رأى أهل القصر ابتسامتها التي فقدتها منذ موت زوجها، وبعدها عادت الملكة إلى طبيعتها، وبدأت الثرثرة والشائعات تعم المملكة، فكانت هي لا تزال في الخامسة والأربعين من عمرها، وهو في الثامنة والثلاثين طويلا وسيما ومخلصا لها..!
         
لم يمر وقت طويل حتى عينته الملكة خادما لها بمرتب يصل إلى 120 جنيها سنويا، على أن يتلقى أوامره من فمها مباشرة، فبدأ يلازمها في الدخول والخروج وجرؤ على محادثتها دون ألقاب، وعندما وصلت هذه الأخبار إلى أعضاء حاشية البلاط الآخرين.

زادت الشائعات حول علاقتهما خصوصا بعد تحميله مسئولية عدم عودة الملكة إلى لندن إثر النكسة التي منيت بها حكومة اللورد جون راسل.

وفي سبتمبر 1866 قال مراسل "جازيت دو لوزان" أن الملكة تزوجت براون سرا وتتجنب الظهور علانية إخفاء حملها الجديد، وأنها تستعين ببراون لتنسى موت ألبرت، وأنها لم تحضر احتفال إزاحة الستار عن تمثال ألبرت من أجل إخفاء حقيقة حملها. لكن أقاويل زواج الملكة من خادمها تخفف من وطأة خبر هذا الحمل الجديد.

ونشرت صحيفة "توماهوك" لوحة ساخرة صورت عرشا مهجورا وعليه الثوب الملكي وقربه التاج المغطى بالزجاج، وكتب تعليقا "أين بريطانيا؟".. وقد زاد الأمر سوءا التبذير الملكي فقد صرفت ثلاثين ألفا من الجنيهات في زواج الأميرة لويز ماركيز لورن، بينما يتقاضى الأجير قروشا قليلة شهريا، فاتهمت الملكة بإساءة تدبير الأموال العامة وشئون شعبها.

أما صحيفة "التايمز" فلقبت الملكة بـ "الغائبة الكبرى" واعتبرتها "بول مول غازيت" الملكة الخفية، وعندما مرضت في ذلك العام، لم تصدر أي بيانات طبية عن القصر لاخطار الشعب.

في أحد الأيام بينما كانت الملكة في عربتها برفقة ولديها، كان براون على سطح العربة كالمعتاد، اقترب أحدهم من العربة الملكية ورفع مسدسا في وجه الملكة، صرخت الملكة طالبة النجدة، فما كان من براون إلا أن قفز سريعا ضاربا الرجل وطارده حتى أمسك به.        



كان المسدس مزيفا والرجل مختلا عقليا، لكن هذا لم يؤثر على شجاعة براون، فتحول في أنظار الناس من مكروه إلى بطل، وكافأته الملكة بترقيته إلى مرشح لرتبة فارس وضاعفت مرتبه.

توفي براون في عام 1883 عن 65 عاما، فظهر نعيه في 25 سطرا، وحضرت الملكة مراسم دفنه وأعلنت نيتها في تأليف كتاب حول حياة براون، صعق مساعدوها ووزراؤها لأن ذلك سيذكي نار الفضيحة، لكنهم لم يجرؤوا على قول ذلك، ولم تعدل عن قرارها إلا حين استقال دين ويندسور من منصبه احتجاجا..!

كانت فيكتوريا حفيدة للملك جورج الثالث، وهي آخر حاكم بريطاني يترك بصماته على الحياة السياسية في البلاد. وقد توجت ملكة بعد وفاة عمها ويليام الرابع. تزوجت سنة 1840 م من ألبرت من ساكس كوبرغ غوتا وأنجبت منه تسعة أولاد جميعهم فتيات إلا أبنهم الذكر الوحيد إدوارد، وإلى ذريتها تنتسب معظم الأسر الملكية والأميرية في أوروبا اليوم.

كان لفيكتوريا دور فعال في الحياة السياسية، فشاركت رؤساء الوزارة في اتخاذ القرارات، ولم يكن للملكة موقف معلن إزاء الأحزاب والقوى السياسية في البلاد، بل كانت تحاول دائما الظهور كطرف محايد. وبعد وفاة زوجها الأمير ألبرت عام 1861 م، فضلت الانسحاب من الحياة العامة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمرار في منصبها، حتى أصبحت فترتها الأطول في تاريخ الحكم في بريطانيا.

وقد تم تسمية الفترة التاريخية التي بلغت فيها بريطانيا أوجها على اسمها "العصر الفكتوري" عام 1876 م وبمبادرة من رئيس الوزراء "بينجامين دزرائيلي"، وتوجت إمبراطورةً على الهند، وتم الاحتفاء بيوبيلها الذهبي (1887 م) ثم الماسي (1897 م) وسط أجواء شعبية عارمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اشترك فى جروب اسد 2009 لتصلك أحدث الموضوعات يوميا

مجموعات Google
اشتراك في اسد 2009 منوعات
ضع البريد الإلكتروني :
زيارة هذه المجموعة